عراب المسرح المغربي الطيب الصديقي في ذمة الله
توفي قبل قليل عراب المسرح المغربي الفنان الطيب الصديقي بإحدى المصحات الخاصة بمدينة الدار البيضاء عن سن يناهز 79 سنة، هذا وقد تم نقل الراحل إلى مصحة "فال أنفا" قبل أسبوع على إثر سوء حالته الصحية.ويعتبر الطيب الصديقي أحد أعمدة المسرح المغربي لما قدمه لهذا المجال من أعمال متعددة أغنت الساحة الفنية الوطنية امتدت إلى كل أقطاب العالم.
حصل الطيب الصديقي على الباكالوريا بالدار البيضاء، في سنة 1956 شارك بمسرحية «عمايل جحابباريس بعد أول تكوين له، ثم بدأ بالتمثيل حيث كون فرقة «المسرح العمالي» سنة 1957 بالدار البيضاء، وقدم باسمها مسرحية «الوارث» من اقتباس أحمد الطيب العلج، وبعدها «بين يوم وليلة» لتوفيق الحكيم، ومسرحية «المفتش» المقتبسة عن غوغول سنة 1958، ثم «الجنس اللطيف» من اقتباسه عن «برلمان النساء» لأريستو فان، وبهذا تكون هي آخر مسرحية في إطار «المسرح العمالي»، بعدما قدم فكرة مختزلة عن المسرح الغربي، باقتباسه أعمالا في مستوى عالي من الجودة. في سنة 1960 وبعد عودته من فرنسا ثانية، اقتبس وأخرج مسرحية «فولبون» لبن جونسون، بعدها وبطلب من مدير المسرح البلدي بالدار البيضاء «روجي سيليسي» كون فرقة سميت بفرقة المسرح البلدي، انتسابا للمكان، وقدم أول عرض بعنوان «الحسناء»، وبعد تقديم عروض كثيرة أخرى، اشتغل على اقتباس من الروائع العالمية، منها مسرحية «في انتظار كودو» ل(صامويل بيكيت)، ليخرج بعمل بنفحة مغربية تحت عنوان «في انتظار مبروك»، إلى جانب أعمال يطول حصرها. في سنة 1965 عين الصديقي مديرا للمسرح البلدي بالدار البيضاء، فكانت بداية لظهورمسرحية من تأليف عبد الصمد الكنفاوي تحت عنوان «سلطان الطلبة» التي اعتمد فيها على الثقافة المغربية في بعدها التراثي، مضيفا إليها عددا من الإنتاجات الخالدة التي تسير في نفس السياق، وعلى سبيل الذكر لا الحصر: «ديوان عبد الرحمان المجدوب»، «بديع الزمان الهمداني»، «الفيل والسراويل»، «جنان الشيبة»، «الشامات السبع»، «قفطان الحب» و«خلقنا لنتفاهم» هذه المسرحية الأخيرة التي (كان لي شرف إنجاز ديكور بعض المشاهد منها سنة 1995). لم يقف عطاء وإبداع الطيب الصديقي عند هذا الحد، بل كان له اهتمام بالمجال السينمائي كذلك من خلال شريطه «الزفت» كما يرجع له الفضل في تقديم أسماء مغمورة، قبل أن تمتهن الغناء، لتصبح معروفة باسم (ناس الغيوان)، ولم يكن لي سابق معرفة بانشغالاته التشكيلية، إلا حين طلب مني في بداية التسعينيات، استنساخ عدد من لوحاته الفنية عن طريق تقنية السيريغرافيا،التي اتخذت من الخط موضوعا لها.