سياسة

ماذا بعد حظر الحركة الإسلاميّة في مناطق الـ48؟

صباح الثلاثاء، أعلنت سلطات الاحتلال الصهيوني قرارها المنتظر بإخراج الحركة الإسلامية في الأراضي المحتلة عام 48، المعروفة بالجناح الشمالي خارج القانون، وحظر أنشطتها.

وفور صدور القرار، قامت سلطات الاحتلال باقتحام مقرات الحركة ومؤسساتها الكثيرة المنتشرة في المناطق المحتلة عام 48، فيما قامت باستدعاء عدد من كبار قادتها، بمن فيهم الشيخ رائد صلاح الذي صدر بحقه مؤخراً حكم بالسجن لمدة أحد عشر شهراً، سيبدأ تنفيذها نهاية الشهر.

ربما كان للأجواء التي صنعتها هجمات باريس صلة باختيار توقيت القرار، لكنه كان قادماً على كل حال، وهو نتاج سنوات من التحريض على حظر الحركة.

والحال أن جوهر الحقد الصهيوني على الحركة الإسلامية بقيادة الشيخ رائد صلاح لا صلة له بالهوية الإسلامية وحسب، بدليل وجود حركة أخرى تحمل ذات الاسم (الجناح الجنوبي) لا يتوقع أن يمسها سوء في الوقت الراهن، بل يتصل بطبيعة النشاط، لا سيما ذلك المتعلق بالمسجد الأقصى الذي لا خلاف على أن الحركة هي حارسه الأهم بكل المقاييس، وهي التي تجيّش الفلسطينيين ومن ورائهم الأمة لتبني قضيته.

ولأن قضية الأقصى (الهيكل بحسب الصهاينة) تحظى بإجماع في الوسط الصهيوني، ولأنها كانت السبب المباشر في الانتفاضة الجماهيرية الأخيرة التي اندلعت مطلع تشرين الأول، وأربكت العدوّ ولا تزال رغم ضخامة المؤامرة عليها من قبل العدوّ والشقيق (السلطة أعني).. لأنها الأمرّ كذلك، جاء القرار الصهيوني بحق الحركة الإسلامية على أمل أن يؤدي إلى وقف نشاطها المتعلق بالأقصى من جهة، إلى جانب ضرب نشاطها المتعلق بتثبيت هوية الشعب الفلسطيني في الأراضي المحتلة عام 48، وجعله دائم الالتحام ببقية الشعب في الأراضي المحتلة عام 1967 وفي الشتات.

قلنا مراراً إن دور الحركة الإسلامية بقيادة الشيخ رائد صلاح كان حاسماً في بعدين؛ الأول هو المتعلق بالدفاع عن المسجد الأقصى، والثاني الذي لا يقل أهمية، هو المتعلق بتثبيت هوية فلسطينيي 48 في مواجهة سياسة «الأسرلة» التي كانت تؤتي أكلها قبل قبل عقود، لولا تصدي الشيخ وتلاميذه لها.

لكن.. ماذا بعد الحظر؟

صباح الثلاثاء، وبعد الهجوم على مقرات الحركة إثر صدور القرار، أصدر الشيخ رائد بياناً قال فيه: إنني أؤكد ما يلي:

أولاً: كل هذه الإجراءات التي قامت بها المؤسسة الإسرائيلية، هي إجراءات ظالمة ومرفوضة.

ثانياً: ستبقى الحركة الإسلامية قائمة ودائمة برسالتها، تنتصر لكل الثوابت التي قامت لأجلها، وفي مقدمتها القدس والأقصى المباركين.

ثالثاً: يشرفني أن أبقى رئيساً للحركة الإسلامية، انتصر لاسمها، وأنتصر لكل ثوابتها وفي مقدمتها القدس والمسجد الأقصى المباركين، وأسعى بكل الوسائل المشروعة المحلية والدولية لرفع هذا الظلم الصارخ عنها». انتهى كلام الشيخ.

والحال أن حظر الحركة الإسلامية في الأراضي المحتلة عام 48 لا يختلف في الجوهر عن حظرها في بعض الدول العربية، فهي ستبقى قائمة، ولكن كتنظيم دون مؤسسات، لكنه في الحالة التي نحن بصددها سيؤدي إلى اعتقالات أكبر، وسيؤدي تبعاً لذلك إلى تطورات ستعتمد بالضرورة على تحولات الوضع في مناطق 67. ولعل ذلك هو السر خلف ما كشفته الدوائر الإسرائيلية عن تحفظ بعض قادة الأجهزة الأمنية على القرار، تبعاً لإمكانية دفع الحركة نحو السرية.

في كل الأحوال، الحركة ستبقى قائمة دون مؤسسات معلنة، وهي لن تتوقف عن نشاطها المتعلق بالدفاع عن المسجد الأقصى، فيما سيكون نشاطها المتعلق بالالتحام بقضية شعبها أكبر دون خوف من الحل، والنتيجة أن ما أراده العدوّ من الخطوة لن يتحقق، بل سيكون أثره أكبر في حال انخرط الشعب الفلسطيني كله في انتفاضة شاملة ضد الاحتلال، وهو ما يعمل نتن ياهو وعباس المستحيل من أجل الحيلولة دونه.

 

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى