التشكيلي السعودي جابر الفاهمي في حوار مثير مع أنباء 24
يتنقل بين تشكيلاته من لوحة إلى لوحة، يرسم الوطن في قلبه ليطبعه على لوحاته المعبرة، الفنان التشكيلي السعودي "جابر الفاهمي" يطل اليوم علينا في حوار خاص وحصري مع موقع أنباء 24 ليتحدث عن تجربته الفنية في هذا المجال .
س 1)أخبرني عن حكاية الألوان في أعمالك ؟
بوح الألوان يعتبر لغة تجسّد تضاريس اللوحة ويترجم ما بداخل الفنان، وليس كل فنان يدرك هذا تطبيقاً وتكنيكاً، ولكن قد يتذوقه الجميع، ويوجد هناك صراعا بين الوجدان وضربات الفرشاة فالألوان هي نعمة وهبها الرب لتجعلنا نمّيز الأشياء عن بعضها البعض وندرك المعتم من الفاتح من خلال (اللون والضوء) في العمل الفني لذلك تجدني أتقمص الألوان تبعا للانفعالات والصراعات التي أعيشها في رحلة العمل الفني .وما يجسده الفنان في تسجيله أحداث اللوحة الفنية هو أن يتصور العمل الفني في وجدانه وكهوف مشاعره وأغواره وتكون لديه رؤية مسبقة لـ اللون وصيغته وأسلوبه. فيخرج أسلوباً مترجماً ولغة تبوح بفيض عواطف وانفعالات الفنان التشكيلي.
س 2 )هل توجد علاقة عاطفيه وقلبيه بينك وبين أعمالك ؟
نعم هناك اكبر علاقة حميمة تربطني بالكثير من أعمالي. فعندما تنذمج تلك الأعمال مع ما يدور في داخل النفس وتترجمه تلك المشاعر بوحي إبداعي يتناسق في تسجيل عملاً تراجيدياً يفسّر مفهوم العمل التشكيلي ويطرح انطباعا لرؤية ما، ولذلك تجد أن أعمالي تمثل بالنسبة لي كأحد أفراد أسرتي لن تغيب عن عيني أبدا، وهي بمثابة الرفيق اللصيق لي دوما أعيشه بفرحي وحزني وبزهوي وسعادتي دون ملل أو كلل. اغلب الأحيان تجدني استخدم الألوان الباردة التي تعكس صفاء الكون وجمال الطبيعة وجمالياته كحركة السحاب مثلا وما عقب المطر. وعيشة ابن الصحراء الذي عاش الحياة بشظف، وتارة تجدني أصور صراعات الفنان وما يدور في سويعات الغروب على شاطئ البحر وخوف المغيب وصراعات وتقلبات الأمواج التي تعكس عيشة البحار ورغم أهواله ألا انه يشكل لنا متنفس حقيقي لراحة النفس والخروج لطبيعة البحر بكل أجوائه. وأخرى بنرجسية الفنان وعواطفه وقصة حياته.
س 3 )مار أيك بسوق الفن التشكيلي وهل يوجد له مسوقون في الوطن العربي ؟
لازال سوق الأعمال الفنية لم يبلغ درجة النضج الحقيقي ولكن هناك مسوقون للأعمال الفنية الذين يدركون ما يدور في تلك الأطروحات من قيم جمالية وفنية ولكن مع قلة ضعفها وعدم الخبرة والإلمام بتلك الجهات تلاحظ أن الفنان هو من يقوم بالتسويق لأعماله الفنية . وتواجده في المحافل والمهرجانات.
وفي عصر الحداثة ومن خلال ظهور الفن المعاصر ظهرت اهتمامات بالأعمال الفنية وبدأت الشركات والمؤسسات المهتمة بالدعاية والإعلان تستقطب الفنانين من اجل التسويق والدخول بالمزادات الفنية ولكن لعدم الوعي التام والكامل، تقل تلك الأسعار وهذا لجهل ووعي الرسام وصاحب العمل الفني, ولكن يتوفر بقوة في الدول الغربية هناك نهضة للفنون بشكل واضح ومزادات تعتمد على رؤية دراما واضحة تترجم انطباع الفن وتعطي قيمة حقيقية للعمل الفني.
س 4 )كيف تجد النقد في أعمالك وهل تتفاعل معه ؟
حقيقي النقد بمثابة التوجيه وخصوصاً النقد الهادف البنّاء الذي يعالج تلك الإسقاطات على العمل في اللوحة التشكيلية. فكم نحن بحاجة لإيصال دراما العمل الفني للمتلقي, وعني أنا شخصياً اسعد بالنقد الهادف الذي يعدل من بناء وترجمة العمل وسيكوليجية التنفيذ فأحيانا السرعة, والرؤية تخضع للصراعات في رحلة العمل التي يعيشها الفنان الحقيقي وبالمقابل العمل التشكيلي ليس كالعمل الذي تبنيه فكرة تجارية بحته.
فالرؤية التصويرية والتعبيرية تختلف عن النقل والسرد الغير هادف وكم استفدت من النقد الذي يصحح مساراتي بشكل أوضح واحترم النقد البناء.
س 5 )هل للرومانسية والسعادة نصيب في أعمالك ؟
دور الرومانسية والسعادة في أعمالي دور عظيم….. فكم تنعكس تلك الصراعات في داخلي على أعمالي سواءً العمل تعبيري أو تصويري أو رمزي والجميل أنني استشعر تلك الانفعالات وأترجمها.
ولكن بالأغلب تحكمنا القيم والعادات والتقاليد والأعراف, فنتوقف عند محطات الانتظار وكأنما يرد علينا صدى الصوت والخيال بان رحلة الحلم ستتوقف وتحط بنا مواكب الأمل وصراعاته وتداعيات الانتظار.
فكم تجدني اهرب من الواقع إلى الخيال ونرجسياته لأداعب عذب البوح وتجلياته في إسقاط كل آلامي في تلك الفضاءات اللونية التي لا تتقيد بالقوانين وإنما تخضع لنرجسية اللون ومساحاته فقط.
س6 )كيف ترى نفسك اليوم في بحور الفن التشكيلي ؟
من الصعب علىّ الفنان الناضج والحقيقي أن يقيم ذاته في قافلة وزخم الفنانين ولكن أجد نفسي بجرأة اللون وصراعه وتجلياته ضمن هذه القافلة واحترم من سبقني ولكني جريء في أطروحاتي اللونية والتعبيرية وامقت الفنان المسوق لتجارة العمل الفني. بدون وعي وهدف.
فانا من اللذين يدفعون للفن, ولا يدفعون على الفن,والفن برأي ( اللوحة أو العمل الفني) هو يلقاك وكأنه شخص تألفه ولم تلتقيه من زمن. فتجد نداءه يخالجك لتحاكيه وتعطي ما بداخلك تجاه هذا العمل
س 7 )كلمه أخيره ؟
أخيراً أقف في بداية قافلة البوح لأترجم تلك الانفعالات التي تحكي لحناً ثائرا يعبر بصرخة في اللون تارة , وصراعات السكين وأرضية اللوحة تارة، وقديما قيل إذا أردت أن تقيس حضارات الأمم فعليك أن تعرف ما يسجل ويدون سكان تلك الأقاليم وعليك أن تعرف ما يدونه فناني تلك الحضارات.
يطيب لي أن اشكر كل وقف جنبي وساندني في محنتي وفي فرحي وفي سعادتي وأثمن لأم أولادي كل المواقف التي تحملت في غيابي وتنقلاتي وترحالي.
وقفة!!!!
بصدق وعدل وإنصاف أقدم جزيل شكري لمن جعلني أسرج خيول فكري لتصل لكل قارئ ومحب للفن التشكيلي، إن جادت النفس بربيع اللون والهوى فهذا مما اختزل خلال السنين وعلى مدى الأزمان وان قصرت تلك المسافات فبداية خطوة الألف ميل تبدأ بخطوة.
أجرى الحوار عزيز الموسوي